مقالات

كيمو كريم وتدوين السفر

قبل عدّة أشهر، تم قبولي لأكون جزءاً من مشروع “تدوين” في البيرو/ أمريكا اللاتينية، فكلّ ما عليّ فعله هو أن أصل هناك الصيف القادم وأكتب عن كلّ ما يلفت نظري في ثقافتهم وطعامهم واحتفالاتهم وحكاياتهم؛ وسيؤمّن لي المشروع مسكناً وخطة تجوّل. من حينها وأنا أحلم في اللحظة التي سأجمع فيها سعر التذكرة وأستقلّ الطائرة لأبدأ رحلتي وآخذ خطوتي الأولى لأكون “مدوّنة سفر” Travel blogger، فأجمع بين الدهشة والكتابة والتجوّل، أي بين ثلاثة منابع للشغف.

blogging_laptop

بالرغم من تفكيري الدائم بتلك الفرصة كبداية يجدر بي استغلالها، فاجأني “العم كيمو” بقدرته على أن يجمع بين تدوين السفر، والتدوين بالفيديو vlogging بكلّ عفوية؛ “كيمو كريم” هو سائق تكسي فلسطيني، والأهمّ أنّ لديه متابعين كُثر على موقع Facebook، يزور الآن الولايات المتحدة الأمريكية، ويشارك متابعيه بكلّ مغامراته هناك مع ضحكته المميزة وإلقاء تحية “هالللو” التي اشتُهر بها وبات يقلّدها متابعوه، ويفعل ذلك إمّا من خلال مقاطع قصيرة، أو عبر خاصيّة Live/ البث المباشر على الموقع ذاته.

يحظى العم كيمو بآلاف الإعجابات ومئات التعليقات، وأصبح له متابعون حريصون على مواكبة رحلته؛ فيقول أحد التعليقات: “يا راجل صرت اشي ضروري يومياً لكلّ شخص فينا مثل الأكل والشرب والشغل والنوم .. صرنا نستناك وينتا تطلع لايف منشان نعيش اللحظة معك”، ويضيف آخر: “الله وكيلك الكهربا ما اجت علينا طول اليوم هان بغزة وبحمد الله إني شحنت الجوال على المولد بس علشان أحضرك”.

هالووووو من النهر

Posted by Kimo Kareem on Saturday, January 23, 2016

 

إذاً ليس الأمر معقداً كثيراً، كلّ ما يستلزمه الأمر هو حسّ الفكاهة والبساطة ومحتوى جديد وطبعاً المواظبة على النشر؛ فيمكنك أن تكون “مدوّن سفر” دون أن تملك كاميرا احترافية، ولا كلمات منمّقة، وربّما دون أن تقصد ذلك من الأساس.

على كلّ حال، 27 ثانية الآن على Facebook، كانت قديماً 27 عاماً؛ فإنّ فكرة الكتابة عن الرحلات ليست وليدة عصر التكنولوجيا، فهناك العديد من الكتب في “أدب الرحلات” قديماً كتلك التي كتبها ابن بطوطة في القرن الثامن للهجرة حول رحلته التي استغرقت 27 عاماً؛ فاعتبر أدب الرحلات مصدرًا للمعلومات التاريخية وقدّم الرحّالة وصفاً للمناطق التي زاروها، مساهمين بذلك في علم الجغرافيا ورسم الخرائط.

لكنّنا نجد الآن آلاف المدونات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن السفر، ولتتميّز بين كلّ هؤلاء ينصح الخبراء بألّا تقتصر التدوينات/ مقاطع الفيديو على مذكراتك وانطباعاتك عن الرحلة، فيجدر بك ابتكار محتوى مفيد للناس؛ مثلاً أخبر المتابعين بما تعلّمته حول توفير المال خلال السفر، أو عن الأشخاص الملهمين الذين قابلتهم.

كما يُنصح أيضاً بأن تخوض تجارب مثيرة، وتذهب إلى أماكن غريبة يودّ رؤيتها المتابعون، فلا تبقَ في أماكن مغلقة أو معتادة كالأسواق والمقاهي، وأخيراً بقدرِ ما يسعد الجمهور برؤيتك، أرجوك أرِهم المكان حولك، فهم لن يعلموا عمّا تتحدث إلا إذا أريتهم إيّاه.