مقالات

أوهام وخرافات الإعلام الاجتماعي: المؤثرون*

كتب لواء أبو خيط : 

“لابد أن نميز هنا ما بين (المؤثر – Influencer) وما بين (عاشق العلامة التجارية – Brand Advocate)، فالمؤثر في الإعلام الاجتماعي: هو مستخدم لمنصة أو تطبيق تواصل اجتماعي يمتلك جمهوراً كبيراً من المتابعين والذين يتفاعلون مع المحتوى الذي يقوم بنشره على المنصة أو التطبيق. وعادة ما يكون مؤشر “عدد المتابعين” هو من أهم المؤشرات التي يتم اللجوء إليها للحكم على مدى كون الشخص مؤثراً من عدمه على تلك المنصة أو التطبيق، حيث أن المؤثر على منصة فيسبوك ليس بالضرورة أن يكون مؤثراً على منصة تويتر أو منصة لينكدإن. كما أن هناك العديد من المؤثرين على تطبيق سناب شات لا تأثير لهم يذكر على منصات التواصل الاجتماعي. أما عشاق العلامة التجارية: هم أشخاص قاموا بتجربة منتج  أو خدمة المؤسسة ومن تلقاء نفسهم قاموا بمشاركة رضاهم عن المنتج أو الخدمة على منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي لجمهورهم من المتابعين، وعادة ما يقومون بالدفاع (Advocate) وبالنيابة عن المؤسسة عن المنتج أو الخدمة وذلك لاقتناعهم بجودتها أولاً وحرصهم على نشر هذا الاقتناع بالجودة لجمهورهم ومتابعيهم ثانياً.

ومن تناولنا للتعريفات السابقة يمكن القول بأن كل “عاشق للعلامة التجارية” لدى مشاركة تجربته على مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر “مؤثر” حقيقي وايجابي على جمهوره من المتابعين، إلا أنه ليس بالضرورة بأن يكون “المؤثر في الإعلام الاجتماعي” التي تقوم المؤسسة بتوظيفه في حملاتها على مواقع التواصل الاجتماعي “عاشق للعلامة التجارية”. وتشير إحدى الدراسات التي تمت بهذا الخصوص إلى أنه 92٪ من جمهور المستخدمين يثقون في قرارات الشراء التي يوصي بها عشاق العلامة التجارية، فيما أن نسبة الذين يثقون في حملات المؤثرين لا تتجاوز 18٪ (Social Media influencers versus brand advocates-infographic).

إلا أن قوة المؤثرين في الإعلام الاجتماعي تكمن في قدرتهم على نشر المحتوى وعلى التأثير اللحظي (قصير المدى) على متابعيهم خاصة إذا ما احتوى تفاعلهم على منصات التواصل الاجتماعي على طلب مباشر من جمهورهم على إعادة نشر المحتوى أو القيام بأمر ما، ولعل من الأمثلة التي يمكن ذكرها هنا قيام جاستن بيبر في إحدى مقابلاته التلفزيونية بالتغريد لمتابعيه على منصة تويتر بضرورة متابعة المقدم التلفزيوني الذي يقوم بالمقابلة معه، وفي غضون أقل من ساعة قام أكثر من 30 ألف مستخدم بمتابعة المقدم التلفزيوني، وهو الأمر الذي يبين القدرة التأثيرية الهائلة التي يمتلكها المؤثرون على متابعيهم. إلا أن النمو المفاجيء في متابعي المقدم التلفزيوني سرعان ما تلاشى في اليوم التالي.

وآلية التدمير الذاتي التي تلجأ إليها المؤسسات في التعاطي مع المؤثرين عادة ما ترتبط بوجود جهة خارجية تقوم بإدارة حملات التواصل الاجتماعي لدى المؤسسة من مسؤولياتها العمل على إنفاق موازنة المؤسسة المخصصة لمنصات التواصل الاجتماعي، حيث أن عدم إنفاق الموازنة المخصصة يعني عدم ضرورة وجودها في العام القادم، وبالتالي لا بد من إنفاقها بشكل أو بآخر. ويكون الحل الأمثل (والأسهل) هو توظيف المؤثرين مقابل مبالغ مالية معينة، في أغلب الأحيان مبالغ بها، في حملات تواصل اجتماعي تهدف إلى الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستخدمين،  ويتم ربط نجاح الحملات بمؤشرات الوصول والتفاعل اللحظي دون وجود أهداف طويلة الأمد. وهنا تقع المؤسسات في وهم النتائج اللحظية والمؤشرات قصيرة المدى الناتجة عن توظيف المؤثرين دون وجود آليات واضحة لاستثمار تلك النتائج في خلق عشاق للعلامة التجارية وهم المؤثرون الحقيقيون في خيارات الشراء.

هل هذا يعني بعدم اللجوء إلى المؤثرين؟ الجواب قطعاً لا، ولكن يجب على المؤسسات أن تدرك بأن الهدف من توظيف المؤثرين في حملاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي هو من أجل نشر الوعي حول منتجات المؤسسة وخدماتها، ولن تكون لتلك الحملات قدرة على التأثير على خيارات شراء المستخدمين بأي حال من الأحوال ما لم يتحول المؤثر إلى عاشق للعلامة التجارية ومدافعاً عنها، وهو الأمر الذي يتطلب من المؤثر قيامه فعلياً بتجربة المنتج أو الخدمة، والدفاع عنها على منصات التواصل الاجتماعي. ولا يمكن للمؤسسة اعتبار نتائج توظيف المؤثر في حملات التواصل الاجتماعي والتي عادة ما تكون قصيرة المدى وتتمحور حول زيادة الانتشار هي نهاية المطاف وبأن المنتج أو الخدمة سوف يحقق النجاح المنشود، فقدرة المؤثرين تنتهي هنا، ولا بد من العمل على خلق عشاق للعلامة التجارية من خلال تقديم خدمة لا تضاهى أو منتج عال الجودة لجمهور المستخدمين.”


يذكر أن هذه المقالة جاءت ضمن سلسلة من المقالات للكاتب حول مواضيع متعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي، ويمكنكم الإطلاع عليها من خلال الضغط على الرابط المرفق


*: محتوى المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي سوشال ستوديو في الموضوع